17 أغسطس 2025

الليلة التي أنكرها أبي

قصة واقعية - ماورائيات
ترويها نادين (20 سنة ) - مصر

في صباح ذلك اليوم، قرابة الساعة التاسعة، دخلت عليّ أمي وهي في حالة فزع، تسألني: "هل نزلتِ إلى الشقة السفلية ليلاً ؟"

فأجبتها بالنفي، فسردت لي ما رآه والدي: لقد استيقظ فجراً ليجد الطاولة الصغيرة التي بجوار السرير قد انتقلت إلى جوار الدولاب، والمفرش مفروشاً أسفلها على الأرض، وفوقه زجاج مكسور.

والأغرب أن والدي لم يشعر بأي شيء طوال الليل، مع أن نومه عادةً خفيف جداً ويستيقظ من أقل حركة. هذه كانت المرة الأولى التي يحدث فيها شيء كهذا. 

نزلنا جميعاً ورأينا المنظر فشعرنا بالصدمة.

اعتاد أبي أن ينام في الشقة السفلية في فترة الصيف لأنها أبرد ولا يحتاج فيها إلى المروحة التي لا تناسبه. 

تلك الليلة كان نائماً في الغرفة الداخلية والباب مغلق، بينما أخي نام في الصالة حتى الرابعة فجراً ثم صعد إلى الأعلى. أما أنا فقد اعتدت السهر في الصالة نفسها حتى الصباح، لكن منذ ثلاثة أسابيع تقريباً توقفت عن ذلك بعد حادثة غريبة.

كنت في إحدى الليالي مستلقية على الكنبة أشاهد مسلسلاً في هاتفي وأتناول اللب، فإذا بأبي يخرج من غرفته دون أن يرتدي سروالاً قصيراً، وكان عضوه الذكري ظاهراً. وقف أمامي مطرق الرأس، ممسكاً بعضوه، دون أن ينطق. كنت في صدمة بالغة، وتمكنت بصعوبة من سؤاله: "هل هناك شيء؟" فردّ بصوت منخفض متلعثم: "لا... عندي إسهال مائي". فقلت له: "إذن ادخل إلى الحمام"، لكنه لم يرد وظل واقفاً بالوضع نفسه. عندها نهضت مذعورة وصعدت إلى الطابق العلوي أراقبه من السلم. ظل واقفاً قليلاً ثم أغلق المروحة والباب ودخل غرفته. صعدت وأنا منهارة وأخبرت أمي.

حين واجهته أمي بما حدث أنكر تماماً، وقال إنه لم يغادر فراشه إلا مرة واحدة عند الساعة الواحدة ليلاً ليدخل الحمام القريب من غرفته، وأقسم أنه لم يخرج غير ذلك. لكنني واثقة مما رأيت، بل كلمته بنفسي ورد عليّ. أمي حاولت أن تبرر قائلة: "ربما شيطان تجسد في صورته"، لكن الأمر بدا لي مستحيلاً إلى درجة جعلتني أشك أنني أصاب بالهلاوس. كانت الساعة حينها نحو الثانية والنصف أو الثالثة إلا ربعاً قبل الفجر.

أبي مريض بالسكر، وفكرت أن يكون قد مرّ بنوبة أو غيبوبة جزئية جعلته يتصرف بلا وعي ثم لا يتذكر شيئاً. لكن بعد حادثة الطاولة والزجاج في صباح اليوم التالي، تأكدت أن هناك أمراً غير طبيعي يحدث. لم أعد أعلم هل المشكلة مرتبطة بوالدي نفسه أم أن هناك مسّاً أو سحراً، وكل ما نعرفه أننا جميعاً في حالة من الانهيار والحيرة.


ترويها نادين (20 سنة ) - مصر



تحليل التجربة

القصة التي روتها نادين تكشف عن مستويين من الغموض:

الأول: المشهد الليلي الصادم حين رأت أباها واقفاً أمامها يتصرف بشكل غير طبيعي ثم أنكر تماماً ما حدث.

الثاني: الدليل المادي في الصباح حين وُجدت الطاولة وقد تحركت، المفرش على الأرض، والزجاج مكسور دون أن يشعر الأب أو يستيقظ أحد.

يمكن تفسير التجربة بمنظورين : ماورائي وعلمي-نفسي


التفسير الماورائي


نشاط الكيانات المشاغبة Poltergeist

انتقال الأثاث وكسر الزجاج من دون سبب واضح من العلامات التقليدية في أدبيات الماورائيات عن الأشباح الضاجة ، كثير من الباحثين ربطوا هذه الظواهر بوجود شاب أو شابة في سن المراهقة أو بداية الشباب داخل المنزل، وهو ما ينطبق على نادين.

تجسد الجن بهيئة الأب

في الموروث الإسلامي والعربي، يُعتقد أن الجن قد يتمثلون أحياناً في صور بشرية،  الأم رأت أن ما حدث ربما كان شيطاناً اتخذ صورة الأب. هذا تفسير شائع شعبياً، لكنه يظل محل خلاف؛ إذ أن أغلب الباحثين يرونه احتمالاً بعيداً ونادر الحدوث.

إشارة أو تحذير

في التصور الشعبي أيضاً، قد يُفسر تحريك الأجسام  كرسالة تنبيهية بأن هناك حضوراً غير مرئي يتدخل في حياة الأسرة.

تفسير علمي-نفسي


السرنمة (المشي أثناء النوم)

بما أن الأب مريض سكري، فمن المرجح أنه مرّ بنوبة هبوط سكر أو اضطراب في النوم جعل جسده يتحرك بشكل لا واعٍ. في هذه الحالات يقوم الشخص بأفعال معقدة (الخروج من الغرفة، تحريك أشياء، حتى التحدث) ثم يعود إلى فراشه دون أن يذكر شيئاً صباحاً. هذا يفسر إنكاره وإصراره أنه لم يخرج من غرفته.

التداخل بين الحلم والواقع

قد تكون نادين في حالة شبه نوم أثناء السهر ، من المعروف أن الدماغ في مرحلة ما قبل النوم يخلق صوراً وأصواتاً قد تختلط بالواقع. ربما كان المشهد الذي رأته صورة ذهنية شديدة القوة، خصوصاً مع التوتر العاطفي والعائلي ، إقرأ عن الهلوسة النومية.

الدليل المادي (الطاولة والزجاج)

يمكن أن يكون الأب أو أحد أفراد الأسرة تسببوا به عن غير وعي، أو نتيجة حركة مفاجئة مرتبطة باضطراب النوم.

الاستنتاجات المرجحة

من الناحية العلمية: الاحتمال الأقوى أن الأب كان في حالة "سرنمة" أو ارتباك عصبي بسبب مرض السكري، فقام بتصرفات غير واعية ثم أنكر لأنه لا يتذكر شيئاً.

من الناحية الماورائية: لا يمكن إهمال تزامن الظاهرتين (المشهد الليلي + تحرك الطاولة والزجاج)، وهو ما يجعل التفسير الشعبي حول وجود قوى غامضة في البيت حاضراً بقوة في وجدان الأسرة، خصوصاً مع خوف الأم وابنتها.

وفي الختام ، يُعتبر ما حدث على الأرجح مزيج بين اضطراب طبي (سرنمة/تشوش بسبب السكري) و تفسيرات ماورائية غذاها الخوف والذهول ، فحتى لو كان السبب علمياً، فإن الطريقة التي وقع بها الحدث جعلته يبدو وكأنه يتجاوز حدود الطبيعي.


شاركنا تجربتك

إذا كنت قد عشت تجربة تعتقد أنها غريبة فعلاً ويصعب تفسيرها ،يمكنك ملئ النموذج وإرساله هـنـا

إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .