كنت جنديا في سلاح البحرية الأمريكية عندما وقع هذا الحادث وكان يتبقى لي يومان فقط لإنهاء خدمتي العسكرية.
تلقينا معلومات استخباراتية تفيد بأن مجموعة من المسلحين تختبئ في شبكة كهوف في منطقة الدور (Ad-Dawr) في العراق.
انقسمنا إلى مجموعات من ثلاثة أشخاص، وبدأنا في تفتيش كهفين عميقين.
مع كل منعطف كنا نشعر بتوتر لا يوصف، وكأن أي لحظة قد يخطئ أحدنا بخطوة على عبوة ناسفة تنسفنا، أو تنهار الصخور فوقنا فنُدفن هناك للأبد.
عندما وصلنا لمسافة حوالي 200 ياردة داخل الكهف، تلقى قائد فريقنا اتصالاً عبر جهاز اللاسلكي يخبره أنهم قبضوا على رجل وامرأة مسلحين.
تبين لاحقاً أنهما ليسا من المسلحين المطلوبين. فقد عُثر عليهما في عمق الكهف، يجلسان حول نار صغيرة، ومعهما بندقيتان ولوح حجري قديم محفور بالخط المسماري ، تم تقييدهما ونقلهما في مركبة مدرعة إلى القاعدة، بينما احتفظتُ أنا باللوح.
وقبل أن نغادر الكهف بلحظات، توقف قلبنا من الخوف حين انبعث صراخ حاد ومرعب من أعمق نقطة في الكهف ، بدا كصوت حيوان متوحش، ولم يجرؤ أي منا على التقدم لاستكشاف مصدره.
كان اللوح منقوشاً على جانبه الأمامي برموز لم أستطع فهمها، أما على جانبه الخلفي فكان هناك رسم مقزز: رأس أفعى بقرنين ولسانها مشقوق ، رغم قِدم النقش وتآكله، إلا أن منظر الرسم كان يبعث على القشعريرة ، احتفظتُ باللوح كتذكار.
وقبل أن يتم إدخال الزوجين إلى المركبة، نظرت إليّ المرأة وقالت لي بالعربية المكسّرة: " سيكون من الحكمة أن تتركه خلفك ".
لم أفهم مقصدها، وأهملتها.
في الليالي التالية، بدأت تراودني كوابيس مروعة ، كنت أرى نفسي فيها أقتل زوجتي وابنتي بوحشية ، وعندما أستيقظ، أسمع صوتاً غريباً يلعنني ويقول إنني سأذهب إلى الجحيم.
ظننت أن الأمر مجرد ضغط نفسي بسبب الحرب، لكن شيئاً آخر بدأ يثير قلقي: أصبحت حاسة الشم لديّ حادة بشكل غير طبيعي، صرت أشم رائحة الزهور من مسافة خمسين ياردة.
استمرت الكوابيس حتى بعد عودتي إلى منزلي في أمريكا ، وعندما أريتُ زوجتي اللوح، أعجبها شكله واحتفظت به كتذكار، فوضعته على رف صغير على الحائط.
بعد يومين فقط من عودتنا، بدأت أستيقظ ليلاً فأجد زوجتي خارج السرير، تتجول في أرجاء المنزل وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة، وتبدو كأنها نائمة تماماً ، استمر هذا الحال لمدة أسبوعين، ثم جاءت الليلة التي انقلب فيها كل شيء.
في تلك الليلة، خرجتُ من الحمام لأجد زوجتي جالسة على طرف السرير، تحدق في اللوح المسماري وكأنها مسحورة ، ناديتها مراراً لكنها لم تستجب ، اقتربت منها ولاحظت أن عينيها متسمرتان على اللوح، كأن شيئاً يمسك بها ، أمسكتُ برفق بذقنها لأجعلها تنظر إلي...
كان ذلك أسوأ قرار اتخذته في حياتي ، التفتت نحوي، وكانت بؤبؤا عينيها متسعين حتى غطيا القزحية تماماً، فأصبحت عيناها سوداوان بالكامل !
كانت تكشر عن أسنانها في تعبير شيطاني مملوء بالكراهية، شعرتُ بكراهية صافية تخترق روحي ، وفجأة بدأت تهمس بكلمات مبعثرة، غير مفهومة، وكأنها تتحدث بلغة غريبة أو تتكلم بألسنة ، صوتها لم يعد صوت امرأة، بل صار صوت رجل عميق ومخيف ، في تلك اللحظة، انتشر في الغرفة رائحة كريهة لا يمكن وصفها، تشبه القمامة المتعفنة، لكنها أسوأ بمراحل ، كان المشهد كله جحيمياً: عيناها الواسعتان، الصوت الغريب، والرائحة التي جعلت شعر جسدي يقف من الرعب ، شعرت بأنها تريد إيذائي، كان الإحساس واضحاً وقوياً ، لم أفكر إلا بشيء واحد: أمسكت يدها بكل قوتي، أغمضت عيني، وبدأت أردد صلاتي مراراً وتكراراً ، كانت كفاها باردتين كالجليد، ومشدودتين بقوة لدرجة أنني لو استخدمت كماشة حديدية لما تمكنت من تفكيك قبضتها.
بعد ثوانٍ مرعبة، سمعت صوتها الحقيقي يعود فجأة، تقول بصوتها الأنثوي المعتاد:
"آدم؟"
فتحتُ عيني ورأيتها تنظر إليّ مرتبكة:
"آدم؟ ماذا حدث للتو ؟"
سألتها: "حبيبتي، هل أنتِ بخير؟ أخبريني ما الذي جرى ؟"
فأجابت: "لا أعلم. كنت في الحمام، ثم وجدت نفسي هنا، ولا أتذكر شيئاً بين اللحظتين... هل كنتُ أتكلم؟"
كذبتُ عليها وقلت: "لا، لم تقولي شيئاً... فقط كنتِ تحدقين في الفراغ."
عندها توسلت إلي قائلة: " آدم، أرجوك تخلص من ذلك اللوح."
سألتها: "لماذا، حبيبتي ؟"
فارتجف دمي عندما ردت عليّ: "لأنني منذ أن جلبته إلى المنزل، تراودني مشاعر مخيفة... أشعر برغبة في قتلك أنت ولايسي (ابنتنا). هناك شر رهيب يسكن بيتنا."
لم أتردد لحظة. أمسكت اللوح فوراً، وألقيته في حاوية القمامة خارج المنزل ، وفي اليوم التالي، أخذته وألقيته في النهر ، منذ تلك اللحظة عاد كل شيء في حياتنا إلى طبيعته.
زوجتي أخبرتني لاحقًا أنها كانت ترى ظلالاً تتحرك في أرجاء المنزل منذ اليوم الذي عدت فيه من الحرب، حدث ذلك ليلاً ونهاراً ، وفي أحد الأيام، رأت كتلة سوداء ضخمة تطفو في وسط غرفة المعيشة، وقالت لي: "شعرت أنها تراقبني، والأسوأ أنني شعرت بكراهيتها العميقة لي."
أؤمن بشدة أن شيئاً شريراً كان قد استحوذ عليها تلك الليلة، ولو لم أتخلص من اللوح في الوقت المناسب، لربما استسلمت لتلك الرغبات القاتلة التي تحدثت عنها.
- هذه تجربة منشورة في عام 2021 على موقع ريديت وكتبها BurntSchmidt عن صاحب التجربة الذي أخبره بها في عام 2016
شاركنا تجربتك
إذا كنت قد عشت تجربة تعتقد أنها غريبة فعلاً ويصعب تفسيرها ،يمكنك ملئ النموذج وإرساله هـنـا
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .