22 سبتمبر 2025

النوم في فناء الجامع وأسرار الثلث الأخير

قصة واقعية - ماورائيات - النوم في المسجد - أصوات غامضة - ملائكة
يرويها القصير (49 سنة ) - اليمن

في عام 1998، كنت شاباً في الثانية والعشرين من عمري، أعمل مدرساً، وقد انتقل مكان عملي حينها إلى قريتي الريفية في منطقة تهامة باليمن، بعد أن كنت أدرّس في قرية أخرى. كنت شاباً أعزب، واجتماعياً بطبعي، يجتمع حولي الكثير من شباب القرية، وكنا نقضي أوقاتنا معاً في الحديث والأنشطة البسيطة التي اعتدنا عليها في بيئتنا القروية الهادئة.

ولأننا كنا نحرص على صلاة الفجر جماعة، خطرت لنا فكرة أن ننام في المساجد ليلاً حتى نستيقظ مع الأذان مباشرة. في القرية كان هناك مسجدان صغيران، إضافة إلى الجامع الكبير الذي يتوسط القرية، وكان جامعاً قديماً بُني من الطين المحروق المعروف محلياً بـ"الأجر". قرر كل شاب أن ينام في المسجد الأقرب إلى حارته، أما أنا فاخترت أن أنام وحيداً في فناء الجامع الكبير لقربه من منزلي.

في ذلك الوقت لم تكن لدينا كهرباء مركزية، فكنا نعتمد على مولدات أهلية تعمل حتى منتصف الليل، ثم تُطفأ، فتغرق القرية في ظلام دامس وسكون مخيف لا يقطعه سوى أصوات الحشرات أو نباح الكلاب البعيد.

كنت في كثير من الليالي أبقى مستيقظاً على فراشي في الفناء، خاصة في الثلث الأخير من الليل، وحينها كنت أسمع شيئاً غريباً أربكني: صوت باب فناء الجامع يُفتح ويُغلق، وكأن أحدهم دخل أو خرج. الباب لم يكن مغلقاً بالمفتاح، بل كان مجرد موصد، مما يسهل فتحه من أي شخص.

في البداية، ظننت أن الأمر طبيعي، ربما أحد المصلين جاء مبكراً، لكن الغريب أنني لم أرَ أحداً. لم يكن هناك أي أثر لبشر، فقط صوت الباب يفتح ويُغلق.

ومع مرور الأيام، لم يقتصر الأمر على الباب، بل تطور إلى سماع خطوات واضحة لشخص يسير في الفناء، وأحياناً داخل الجامع نفسه. كان الصوت قريباً جداً مني، كأن شخصاً يقترب، لكن عندما أنظر حولي لا أجد شيئاً ! كنت أرفع بصري في الظلام، أبحث هنا وهناك، لكن المكان خالٍ، والفناء صامت إلا من وقع تلك الخطوات الغامضة.

في إحدى الليالي، بلغ خوفي حداً جعلني أحدث نفسي: "هل أعاني من أوهام ؟ أم أن هناك شخصاً يختبئ عني ؟"، لكنني سرعان ما أدركت أن ما يحدث حقيقي، فالأصوات كانت واضحة لدرجة لا يمكن أن يخطئها سمعي.

في اليوم التالي، أخبرت الشباب الذين ينامون في المسجدين الآخرين بما أعانيه، وفوجئت بأنهم جميعاً قد مرّوا بنفس التجربة ! قالوا إنهم أيضاً يسمعون في أوقات متأخرة من الليل، خصوصاً قبل الفجر، أصوات أبواب تُفتح وتُغلق، وخطوات أشخاص تدخل، لكن دون أن يظهر أي أحد.

حينها، بدأ الحديث يتواتر بين أهل القرية، وكثرت التفسيرات. بعض الشباب قالوا إنها ربما تكون من الجن الصالحين، فهم يؤمنون أن الجن يترددون على المساجد كما يفعل البشر. بينما رجّح آخرون أن تلك الأصوات تعود إلى ملائكة، مستشهدين بحديث شريف ينهى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن صلاة قيام الليل في مقدمة المسجد، لأن الملائكة تُصلي فيه من السَّحَر.

استمرت تلك الظاهرة فترة طويلة، ولم نتمكن من تفسيرها أو فهم حقيقتها. لكن ما أنا متأكد منه حتى اليوم هو أن الأصوات كانت حقيقية، لم تكن وهماً أو خيالاً. كانت تُسمع بوضوح، وكأن زوّاراً خفيين يدخلون الجامع في ظلمة الليل، لا يراهم أحد، ولا يسمعهم إلا من كان يقظاً ينتظر الفجر في سكون ما قبل الأذان.



يرويها القصير (49 سنة ) - اليمن




شاركنا تجربتك

إذا كنت قد عشت تجربة تعتقد أنها غريبة فعلاً ويصعب تفسيرها ،يمكنك ملئ النموذج وإرساله هـنـا

إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .