سمعت هذه القصة من رجل التقيت به صدفة في أحد الحانات، كان يجلس بجانبي على الطاولة. انسجمنا سريعاً في الحديث، وكعادتي سألته السؤال الذي أطرحه دائماً:
" هل سبق لك أن رأيت شبحاً أو مررت بتجربة مخيفة ؟ "
فكر للحظة ثم أجاب: " لا أعلم إن كان يمكن تسميتها مخيفة، لكن… حدث أنني كدت أُسحب إلى العالم الآخر."
وهذه قصته كما رواها لي:
قبل حوالي عام، مررتُ بتجربة قريبة من الموت ، كنت أعمل في موقع بناء، فاصطدم رأسي بأنبوب حديدي أو شيء مشابه وفقدت وعيي على الفور ، وكما يُقال دائماً عن تجارب الاقتراب من الموت: "ترى ضوءاً في نهاية نفق مظلم". هذا بالضبط ما رأيته.
وجدت نفسي واقفاً في ظلام دامس، وأمامي حقل شديد الإشراق مليء بالزهور الصفراء الجميلة، وكان بوسعي حتى سماع صوت نهر يجري بالقرب منه ، وعلى الجانب الآخر، وقفت عائلتي وأصدقائي الذين ماتوا منذ زمن، بينما كنت أنا واقفاً وحيداً في الجهة المقابلة. كانت وجوههم خالية من التعابير، يلوحون لي بأن أقترب منهم.
لكنني كنت أعلم الحقيقة: " إذا ذهبت إلى هناك… سأموت."
فاستدرتُ وركضت بكل ما أوتيت من قوة نحو الظلام في الجهة الأخرى ، ربما كان دافعي الغريزي للبقاء حياً هو ما منحني تلك القوة.
الغريب أن ذلك الحقل المضيء أشعرني بخوف يفوق الظلام نفسه، لذلك واصلت الركض باتجاه السواد دون أن ألتفت خلفي.
وفجأة ظهرت أمامي فتاة صغيرة !
ارتعبت، وحاولت تجاهلها ومواصلة طريقي، لكن لسبب مجهول لم أستطع. توقفتُ مكاني، ووجدت نفسي أسألها: "من أنتِ ؟"
أجابت الفتاة بهدوء: " أنا مجرد فتاة في حلم. أنتَ تحلم فقط، فلا داعي لأن تذهب أبعد من هذا. إذا واصلت التوجه نحو السواد، سيتحول حلمك الجميل إلى كابوس مرعب. من الأفضل أن تبقى هنا. أنا أنتظر هنا أيضاً، لأن سيدة جميلة ترتدي ثوباً أبيض أخبرتني نفس الكلام."
حين سمعت كلامها، شعرت بقواي تتلاشى، وقلت في نفسي: " إذن… مجرد حلم."
بعدها، جلستُ معها نتحدث لبعض الوقت، ثم فجأة… اختفت الفتاة تماماً كما لو أنها تبخرت في الهواء.
شعرت بقلق هائل رغم اعتقادي أنه حلم. نظرت حولي بجنون، لكنها لم تكن موجودة في أي مكان.
ثم فجأة، جاءني صوت من جهة الحقل المضيء: "…سـاعدني… ساعدني…!"
كان صوت الفتاة !
نسيـت كل شيء وركضت نحو الحقل المضيء، وهناك رأيت مشهداً مختلفاً كلياً عن السابق.
لقد كان الجحيم بعينه.
سلاسل معدنية تمتد من كل اتجاه، ملتفة حول جسد الفتاة، وخطاطيفها تغوص عميقاً في لحمها وجلدها.
كانت مغطاة بالدماء ومرفوعة في الهواء، وكأنها مُعلقة، ومشهدها كان شبيهاً بـ فيلم الرعب Hellraiser.
كانت عيناها مفتوحتين على اتساعهما، تدوران في كل اتجاه، وكأنها تستنجد بي بلا كلام.
وخلفها، وقفت عائلتي وأصدقائي كما كانوا في البداية، لكن هذه المرة، كانت ملابسهم البيضاء مغطاة بالدماء، ووجوههم تحمل ابتسامات مخيفة وهم يلوحون لي لأتقدم نحوهم.
حينها أيقنت الحقيقة: " هذا ليس حلماً !"
كانت أكثر لحظة رعب في حياتي. صرخت وبكيت وأنا أركض بكل يأس نحو الظلام، نحو الثقب الأسود.
وأثناء الركض، بدأت وجوه مشوهة مليئة بالعذاب تظهر في الظلام من حولي، لكن لم يكن لدي وقت لأخاف منها.
واصلت الركض، أهرب إلى أعماق الظلام بكل ما تبقى لي من قوة.
ثم فجأة، وجدت نفسي في مستشفى !
عدة نساء يرتدين الأبيض كنّ يقفن أمامي.
صرخت "آآاه!" وتراجعت للخلف، لكن عندما ركزت النظر، اكتشفت أنهن ممرضات.
شعرت براحة غامرة وكأن حملاً ثقيلاً زال عن صدري.
لكن تلك كانت أول مرة أعيش فيها تجربة كهذه، وعندما استيقظت، وجدت جسدي مبللاً بالكامل بالعرق.
قصصت ما حدث لأصدقائي، لكنهم استهزأوا بي، وقالوا أشياء مثل: "تجربة الموت الوشيك ؟ هل ظهر لك وجه ذو الإبر Pinhead أيضاً ؟ يا لها من روعة !"
ولم يصدقني أحد.
لكنني أعلم جيداً… لم يكن هناك ذو الوجه الأبري Pinhead ولا كائنات شيطانية من أبعاد أخرى Cenobites.
هل كان مجرد حلم ؟ بصراحة، لا أعلم.
لكن… لو أنني عبرت النفق وسرت وسط ذلك الحقل المضيء، ماذا كان سيحدث لي ؟
هل كنت سأُرسل إلى الجحيم ؟
أنا لا أظن أنني إنسان سيئ لتلك الدرجة…
إن تكرر ذلك الحلم يوماً ما، فأظن أنني سأموت من شدة الصدمة.
لهذا السبب، عزمت ألا أرتطم برأسي مجدداً،
وألا أفقد وعيي مرة أخرى…
فالعواقب قد تكون أسوأ مما يتخيله أي عقل.
- هذه تجربة منشورة مترجمة من موقع ريديت
إقرأ أيضاً ...
- تجربة الموت الوشيك المروعة : سكرات الموت عن الجحيم
- تجربة الموت الوشيك : دليل على عالم البرزخ أم تجربة دماغ محتضر ؟
- تجربة الموت الوشيك : دراسة المراحل والإنتشار
- حياة البرزخ في الديانات: من محاكمة أوزوريس إلى مطهر الكاثوليك
- عذاب القبر : إشكاليات العدالة والوعي والزمن
- قصة واقعية : ليلة سُحبت فيها الروح إلى الجحيم !
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .