في عام 2014 كنت أعمل لدى مقاولة مختصة في بناء المنازل و الأكواخ الخشبية ، كنا قد عملنا في بناء كوخ لعائلة تقطن في الديار الأوروبية و بعد مرور حوالي 3 اشهر جاءنا إتصال من أقرباء العائلة الذين أخبرونا بضرورة حضورنا لأن هناك تشققاً في احد أعمدة الكوخ كان قد اتسع بسبب موجة من الأمطار، كان علينا العودة إلى هناك لإصلاح الأمر لكن المشكلة أن المكان بعيد جداً و ناء إذ كان يبعد عن المدينة حول 150 كلم عميقاً في وسط جبال الريف في شمال المغرب حيث كان الكوخ يحاذي بيت العائلة وهو مقام لإستقبال الضيوف ولإقامة حفلات الشواء صيفاً ، أحضرنا المستلزمات في شاحنة صغيرة ، كنا 7 اشخاص ، صاحب الشاحنة و نحن الستة في سيارة دفع رباعي.
انطلقنا حوالي 6 صباحاً، كان شهر ديسمبر و البرد قارس، فوصلنا إلى المكان حوالي الساعة 9 صباحاً ، كان الجو غائماً والطريق جبلية و وعرة، انزلنا اللوازم أرضاً وذهبت لأعاين مكان تصدع العمود، وفعلاً كان التشقق كبيراً ويهدد بسقوط الكوخ بأكمله، لذا اقترحت استبدال العمود بآخر وأثناء ذلك ندعم المكان الفارغ بقضيب فولاذي، قررنا تناول الفطور أولاً و وكذلك فعلنا كنا نستمتع بالمناظر الجبلية الخضراء الخلابة ، كان الكوخ فوق التلال و بقربه تمتد غابة كثيفة، أكملنا فطورنا و بدأنا العمل ، كان علينا أن ننجز عمود بنفس مواصفات العمود المتشقق ليكون أكثر قوة لذا زدنا في سماكته وما بين معارض و مؤيد حول فاعلية هذا العمود ، أخذ منا هذا و قتاً اكثر من اللازم بحيث لم نكمل إلا بحلول العصر تقريباً ، كنا قد أكملنا مهمتنا ونهم بجمع مستلزماتنا للرحيل إلا أن أحد رفاقنا كان ما يزال داخل الكوخ ينادي علينا بأن ننظر إلى سقف الكوخ حيث كانت هناك تشققات اخرى ، لا أعلم كيف ظهرت ، وجدت أن هناك لوحين يجب استبدالهما لكن الوقت قد تأخر وحان موعد العصر ولم يبق على وقت الغروب سوى قرابة الساعة و النصف، كان الجو غائماً قليلاً ويوحي بهطول الأمطار الا اننا قررنا عدم الرحيل قبل إكمال الصيانة ، كان سائق الشاحنة و اسمه عماد يخبرنا بأن هذا علامة حظ سيء ولا ينبغي إكمال هذا العمل الآن لأنه " تأخير من عمل الشيطان " بحسب ما يعتقد لكي يحاصرنا هنا في هذا الخلاء، ضحكنا من كلامه وقررنا مواصلة ما بدأناه ، صعدنا نحن الثلاثة إلى سطح الكوخ كي نقتلع اللوحين المهترئين في حين كان ثلاثة اخرون يأخذون القياسات لكي نصنع لوحين جديدين ، بقي عماد في الشاحنة وكانت السحب تزداد كثافة والظلام بدأ يهبط ، وبعد حوالي ربع ساعة بدأ المطر بالإنهمار وكان يزداد بسرعة كنا نسرع في العمل كي ننهيه كنت أنا و صديق لي ما نزال على سطح الكوخ حيث بقي لوح واحد لم نستطع اقتلاعه ، كنت غاضباً جداً كباقي الاصدقاء بسبب المطر والبرد لكنني لم اعلم لماذا كنت افكر في كلام عماد سائق الشاحنة، يبدو أنه كان محقاً بأن هذا التأخير لم يكن في الحسبان ، و حيث أننا لم نر اهتراء اللوحين من قبل، أحسست بخوف لم أعرف مصدره وقد رأيته كذلك في ملامح الباقين، ربما لأن ما سيأتي في الدقائق القادمة سيكون هو السبب وسيجعلنا نندم على سخريتنا من كلام عماد .
وبعد حوالي 10 دقائق و اثناء ازدياد وطأة المطر سمعنا دوي إنفجار كبير بدا لنا أنه صادر من وسط الغابة في الجبل ، ارتعبنا كثيراً وبدأنا نتبع مصدر الصوت في رعب كنت أظن أنه طائرة نفاثة قد وقعت الا أن العجيب هو أنه لم يكن هناك اثر لشيء ، لا لدخان أو نار ، كنا نمعن النظر في رعب و كنت ما زلت فوق السطح عندما بدأت تتناهى الى أسماعنا اصوات همس تأتي من الغابة من كل مكان كانت واضحة جداً لكن بدون معنى مجرد وشوشات وصرخات كنت أظن انني متوهم ، إلا أن باقي الرفاق سمعوها بدورهم ، كنا مذعورين ومندهشين جداً ، ولا أدري لماذا بقينا واقفين منصتين لتلك الأصوات ، وبعد برهة انقطعت الأصوات و ذهب معها صوت كل شيء حيث ظننت لوهلة بأنني فقدت سمعي ، كان السكون مخيماً رغم هطول المطر بشدة، كنت مستغرباً ، بدأت أتحسس أذناي و أطرق يدي قربهما لكنني لا أسمع شيئاً ، كنت اصرخ لأصدقائي و ما كانوا يسمعونني ، خفت كثيراً وبعدها عاد سمعي و رأيت أحد رفاقي واسمه اشرف يتوجه بخطى سريعة صوب الغابة، كنت أناديه: " اشرف ...اشرف " ، لكن دون جدوى ، قفزت من السطح وتبعته كي أمسكه وتبعني باقي الاصدقاء، كنت أمسكه لكنه كان يصر على المضي حتى ان جررناه معنا وكان يبكي ، اوصلناه إلى السيارة وسط دهشة منا فهدأ قليلاً و اخبرنا بأنه كان يرى نفسه في بيته وأن امه كانت تناديه لتناول الطعام ! ، لم نفهم شيئاً مما حدث ، كنا مرعوبين للغاية ووجهونا شاحبة، وكان عماد يصرخ : " ألم اقل لكم ؟!.. ألم أخبركم ؟! " ، انطلقنا بالسيارة من فورنا وتركنا ورائنا كل شيء حتى انني تركت موبايلي في الكوخ.
لحد اليوم لا زلت أحاول تفسير ما حدث لكن دون جدوى ، إنه شيء لا يقبله عقل ولا منطق .
يرويها أيمن (23 سنة) - المغرب
إقرأ أيضاً ....
- لغز الهمهمة
- غابات مسكونة
- فنادق مسكونة بأشباح الماضي ومتاحة للحجز
- تجارب واقعية : مغامرة في أحد جبال تبوك
- تجارب واقعية : مهمة تدريب ليلية