7 ديسمبر 2019

على أبواب البرزخ

 منذ ذلك اليوم الرهيب وأنا في حالة صدمة لم أستفق منها ،  كنت قد أنهيت دراستي الثانوية بتفوق واتجهت بعدها لقراءة كتب الدين وفي خلال شهر بدأت بحفظ بعض الآيات القرآنية وكأن ذلك امر يجب علي التفوق فيه هكذا شعرت.

وفي أحد الأيام انتابني خوف شديد عجزت عن إبعاده ، خوف لم اشعر بمثله من قبل وكأن شيئا ما  يلحق بي،  كنت اود الاختباء من ذاك الشيء الذي لا اعرفه ، استمر الخوف طوال اسبوع تقريباً  وكان يزداد بشده فلجأت الى الله سبحانه في الثلث الاخير من الليل كنت ابكي من الخوف وأطلب من الله النجدة من هذا الشيء الذي يخيفني والذي لم أعلم عنه.

 بعد اسبوعين تقريباً  حصل جدال بيني وبين اهلي ثم تركتهم في غرفة الجلوس وصعدت إلى غرفة نومي في الطابق الثاني ، دخلت غرفتي واغلقت الباب واول ما وصلت إلى وسط الغرفة لا أعلم ما الذي جعلني أنظر إلى سقف الغرفة ولكنه أول شيء نظرت اليه لم أصدق مارأيت ظننت ان عيناي بهما خطب ما ، إذ يبدو كأنه خيال أو من المستحيلات في عالم الواقع ، وقفت أحدق للسقف واذا بسقف الغرفة مفتوح على شكل دائرة فقلت : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" ،  وفركت عيناي ثم واصلت الطريق نحو سريري فقد كنت أشعر بتعب، وفجأه بدون اي مجهود وعندما جلست على سريري أعدت النظر مرة أخرى فقلت لابد أنني أتوهم بسبب التعب ولكن ما زلت أرى تلك الدائرة في السقف لم تختفي بل هي حقيقية  وليست وهم،  أمعنت النظر اليها بشدة عسى أتبين فاذ ابي أرى السماء منها، نعم .. لقد رأيت السماء والسحب وسطح منزلنا من تلك الفتحة، تمددت على سريري وعيناي لا تفارقان الدائرة الغريبة والاسئلة الكثيرة تدور في عقلي ، وفجأءة سمعت صوت شديد لم أسمع مثله في الدنيا وكانه صوت غطاء من حديد لأحد الأبواب الدائرية، كان الصوت قادم من داخل السماء فلم اتمالك نفسي، لقد عرفت وعلى الفور بشكل فطري أنه باب من ابواب السماء فتح،  ثم رأيت حزمة ضوئية اخترقت تلك الدائرة ورأيت أشياء صغيرة بيضاء جداً تهبط وسط تلك الحزمة الضوئية وما إن اقتربت مني حتى تبينت شكلها،  رايتهم يطيرون هابطين بالهواء وكأنهم خيال وما إن اقتربوا مني حتى تشكلوا بهيئة رجال أسوياء والنور يشع من اجسادهم إلى درجة لم أستطع معها التمييز بين وجوههم وملابسهم شديدة البياض،  وقف أحدهم عن يميني وبدا لي وكأنه شيخ وقور لونه أبيض كالثلج يشع وجهه بالنور وله لحية رمادية اللون طويلة تمتد حتى سرته ، نظر إلي فلم اتمالك نفسي، لقد شعرت بهيبته هيبة قويه كأنها سهام تخترق جسدي عن بعد ، من قوتها انتابني خوف شديد وقلق منه ،أما الآخر فقد قفز إلى يساري وكان لديه صحيفة بيضاء ، كان شاباً يميل لونه إلى اللون الزهري مع بياض شديد ونور وجهه يشع،  نظر إلي ثم ابتسم،  لم أشعر بأي خوف ابداً.

كنت في حالة صدمة ، أحسست بأنهم مسالمين مع إحساس بالقلق منهم ومما سيحصل معي ، اقتربوا من بعض عند طرف سريري وتحدثوا مع بعض حاولت سماع ما يقولون وكأنه ضرب على سمعي بمسامير فلم أعد أسمع شيء منهم ، اعتقدت أن عدم سماعي ناجم عن شدة وهول الصدمة وأيضا عن حكمة ورحمة من رب العالمين ، رأيتهم يرتدون ثيابا شديدة البياض ويضعون على رؤوسهم عمائم بيضاء ليست كبيرة ولديهم أحزمة فضية على خصورهم كالتي تغمد فيها السيوف،  لم ار مثلها ابداً ،  ورأيت قطعة بيضاء ملفوفة على كتف الرجل ذو الهيبة الشديدة،   ثم فجأة نظر الشاب إلى أعلى الفتحة ورفع يده وكأنه يستلم شيء من أحد فنظرت لأرى رجل آخر لا يختلف عنهم بالشكل ابداً،  رايته وهو يقف على مكان فوق الفتحة التي لم اعد ارى السماء من خلالها بل رأيت سقف وكانه لعالمهم لقد تقلصت تلك المسافة واصبحت ارى أرضهم،  استلم الشاب الذي كان يقف إلى يساري تلك الصحيفة فعرفت وعلى الفور أنها رسالة من الحاكم تخصني أي تتحدث عني،  فتحها الشاب وقرأها للرجل الآخر ذو اللحية الرمادية ذو الهيبة الشديدة فرأيته يهز برأسه بالايجاب وبعدها أخذوا الرسالة واتجهوا أمام عيني أي وقفوا على مد بصري واعطوني ظهورهم ووقفوا جنب بعض وظهرت لهم طاولة كبيرة وعليها أوراق وبدأو وكانهم يدرسون أمراً ما ، وانا كنت مشلولة لم أستطع تحريك  سوى عيني فقط،  فبداأ شيء من داخلي يتكلم وكانه صوت روحي لقد شعرت وكأن شخصاً آخر يعيش داخلي كانه يحادثني أو وسواس يحدث عقلي وقلبي كان مرتبك وخايف جدا كنت اشعر وكأن احد سينطق من داخلي،  فقال لي ذاك الصوت: "  اسألي من يكونوا،  اسأليهم"  ، فقلت لهم : " من انتم؟  من تكونوا ؟ " ،  فلم يعيرونني أي انتباه،  ثم عاد ذاك الصوت من داخلي فقال: "  انهم هنا لاخذك إلى عالمهم سوف يضعونك في قفص ابيض وسوف تحبسين" ،  فقلت لهم : " من انتم ؟ ..  من تكونوا ؟ " ،  ثم قلت لنفسي ربما هم جن ، فرد على ذاك الصوت من أعماقي: "  كلا ... إنهم أعلى مرتبهة من الجن،  لو تصور الجن بهيئتهم لكان احترق فوراً " ،  فقلت إذن ليسوا جن،  ماهم إذن ؟ ، فقلت ربما كائنات من الفضاء فجاء ذاك الصوت من اعماقي فقال : " لا ....لا،  ليسوا من الفضاء اسأليهم " ، فقلت هم بشر لا مستحيل فهم أعلى منزلة من البشر،  إنهم ارقى بكثير جداً من بني آدم ، فقلت  من هم ومن يكونوا اذن ،  ثم صرخت مرة اخرى فقلت لهم : "  من انتم ؟ " ،  فنظر الي الشاب وابتسم أاشار بيده  إلى الورقة التي كانت بيده ثم اشار باصبعه ناحيتي وكانه يقول هذه الورقة لك فقلت له : " لم اسمعك ...لم افهم  ما تقول" ،  فاعاد نفس الإشاره ، فقلت: "  أريد أن ان اعرف من يكون هذا الرجل فلم اشعر بالارتياح له،  لقد كنت خائفه من شدة هيبته " ، فقلت له : " من انت ؟ " ،  فلم يعرني اي اهتمام فصرخت مرة اخرى وهم يقفون حول تلك الطاولة وكل مرة كنت اصرخ عليهم لم يعيروني انتباه ، ومن من كثرة صراخي عليهم التفتوا ثلاث مرات وكانهم تضايقوا من صراخي فلم ادعهم يكملون ما كانوا يخططون له، ثم  اتجه ذلك الشيخ المهيب ناحيتي وبدا عليه الغضب ظننت انه سوف يضربني برأسي فقد ازعجته ثم وضع يديه على حديدة السريروابتسم قائلاً لي : " ألم تعرفيني ؟" ،  فاستغربت من كلامه وقلت له على الفور: " انا متأكدة من أنني لا اعرفك لذالك أسألك من انت ولماذا دخلتم علي ومن تكونوا" ،  فقال : " انظري وسوف تعرفيني" ،  قالها بثقة شديدة جداً وكأنه متأكد انني أعرفه من قبل ، فقلت: "  أنا اول مرة  اراك... انا لا أعرفك ابداً .. فلم اقابلك من قبل" ،  فابتسم مرة أخرى وقال : " بل تعرفيني انظري لوجهي،  وقرب وجهه مني " ،  فقلت في نفسي انا لا اعرفه ولكنه يتحدث بصيغة الواثق من نفسه لدرجه اربكني فقلت ربما يشير الى شيء فقلت ربما اسمه مكتوب بحبر اسود على أي منطقة من وجهه ، قلبت نظري اليه ولم اعرفه ولم ار اي علامه بوجهه تدل على اسمه فقال لي : " ها.. عرفتيني أم لا ؟ " ، فقلت: "  لا لم اعرفك " ، ثم قال لي :  " انظري الآن إلى شق وجهي" ،  نظرت لشق وجهه فلم ار غير نقطة سوداء بخده كالتي على خدي تماما ووجه كان شديد البياض ليس فيه اي شائبه غير تلك النقطة السوداء فقلت انها نفس نقطتي السوداء على خدي فماذا يعني هذا ثم فجأه بدات ارى مسامات وجهه وهي تكبر والنقطه السوداء بوجهه وهي تكبر ادركت ان عيناي بدات ترى بقوة غير طبيعية وبدات تكبر الاشياء الصغير وكان شيئا ما بداخلي استيقظ وبدات ارى مثل العدسة المكبرة أوالميكرسكوب ثم فجأه عرفت ان النقطه السوداء ما هي إلا ساعتي قد حانت،  ففهمت وعرفت فوراً انه ملك الموت وما إن عرفت حتى نظر إلى اسفل قدماي ورأيت ازرقاق شديد ورايت العروق يخرج منها تلك المادة الزرقاء فحاولت تحريك اصابع قدمي فتحركت وانخفضت درجة حرارة جسمي للتجميد كالفريزر تماما ثم جلس عن يميني ومد يديه لوسط بطني لم اشعر بيديه بل شعرت وكانه يخترق الماء لقد شعرت كما يدخل احدهم يديه وسط الماء او البحر فلم اشعر بانه كان طبيعي فلم اعرف حينها من هو الحقيقي أهو جسمي المادي أم جسمه لقد رايت عظامي بل مافي وسط العظام من ممرات ،  كانت تلك الماده الزرقاء تخرج من قدماي مسرعة ناحية البطن ثم توقفت بدأت أرى الدنيا عبارة عن سحب وضباب فقط وكأن الدنيا غير حقيقية وكأننا نعيش في عالم وهمي ودخاني،  ادركت انني قد خسرت الدنيا انتابني ندم وحسرة شديدة ورأيت الدنيا كأنها خمس دقائق فقط لن يراها اي انسان بهذا الشكل الا عندما يغادرها ولكن قلت لنفسي هيهات فقد انتهى وقتي في الدنيا وكنت اكلم نفسي، شعرت بألم شديد،  لم اقوى على احتماله فنظرت للملك وانا ممددة فاذا به يسحب شيء من جسمي وكأنه ورقة من الاوراق القديمه البنية  لقد كانت ملتصقة ببجسمي ومتصلة مع كل عرق وعصب ولا أدري كم تحتها من العصب ولكن كنت اشعر بها عندما كان يطويها بيدها ويقول كلام لم اكن اسمعه بعدها من شدة الالم،  فلم اكن أعي ما يقول كان الالم وكأنه قطع العصب والشرايين والاوردة كالذي يتم تقطيعه وهو حي بل أشد من هذا بكثير ومغص شديد بالبطن لا مثيل له ، انا اعتقد ان لا مثيل له ابدا فقد تألمت من داخلي وبكيت وبكيت دون ان استطيع النطق بكلمة واحدة أو يسمعني أحد اما الملك الذي كان على يساري فقد اخذ صحيفة بيضاء وبدأ بقياس فقد كانت الصحيفة تحدد القياس بشكل تلقائي والملك يتبعها ويحاول ان يوقفها عندما تقف من التحديد ، كانت تطول وتكبر بشكل طولي ثم تعود وتتوسط ثم ترجع وتطول وهو بسرعة كبيرة يتبعها محاولا وضعها على حد معين وعندما كانت تطول كنت افرح فرحا شديدا لدرجة كنت اضحك رغم الالم الذي كنت اعانيه فقد كنت اشعر انها عندما تطول انه شيء حسن لي بقوة وعندما تتوسط كنت اعود للبكاء وكنت اتمنى ان تتوقف على شكلها الطويل ثم بالنهاية توقفت بشكل طولي كبير ففرحت لهذا فقد اشار الملك لي أن تلك الورقة ماهي إلا تلك الصلوات القليله جداً التي صليتها ودعوت الله بها في الثلث الاخير من الليل إنها ركعتي قبل الفجر،  لم اتوقع ذالك لم ار اي صلاة اخرى او اي من اعمالي غيرها ثم انهاها ولفها ووضعها بخصره على حزامه واتجه ناحية راسي ووضع يديه وسط راسي وكانه ينتظر شيء يخرج من فمي ليلتقفه هو في تلك الاثناء انا كنت اترقب كل شيء يحصل لي لقد كنت مدركة انه الموت لم استطع ان اتحمل الم الموت انه فوق اي تفكير او احتمال فقلت كلمة لااعرف كيف نطقتها، ، قلت للملك : "  اخرجها بسرعة..  لم اعد احتمل " ، اقصد ان يخرج الروح بسرعة فقد كنت اراها نور مضيء يتقدم تلك الورقة فنظر إلي لحظات ورأيت على وجهه الرحمة الشديدة وكأنه رحمني ثم تحول الالم الى قطعة ثلج عندما تمر على حرق وتبرده لم اشعر بمثل ذاك الشعور فنظر إلي وعلى وجهه ابتسامة يملؤها حياء شديد عندما تفاجأت بتحويل الالم إلى بلسم وشفاء وكان جسمي كلما تحرك منه ذاك النور يصيبه الشلل ولا استطيع تحريك اي عضو خرجت الروح منه حتى وصلت الى راسي،  بدأت اشعر بالاعصاب وكان شيء بارد جداً يخرج منها ومن عيناي وانتهى مرورا حتى وصل الى حلقي،  هناك فقط اختنقت فقد كنت اشعر بشيء على حلقي وكانه عظمة رفضت ان تخرج كنت اصل الى مرحة لا اشعر بوجودي بعالم الدنيا ثم اصحوا لأجد نفسي اختنق كنت احاول ان اسحب اكسجين ولكن لم يكن هناك مكان ليستقبل الاكسجين كالشخص عندما يغرق ويجلس تحت الماء نصف ساعة بدون اكسجين ، فلا هو عاش ولا هو مات ، انها اصعب شيء مررت به ، الزمن بعالمهم يختلف كنت اشعر بطول الالم ومدته ، يمر ثقيلاً ، بينما في الدنيا فيمر سريعاً ، وفي اثناء حشرجة حلقي نطقت بكلمة أخرى حتى الآن اتعجب كيف نطقتها وانا بتلك الحاله فقلت  : " النجدة يا الله " ، وفي اسرع من لمح البصر وقد بدأت أدخل بغيبوبة ، شعرت بقوة خارجية قادمة من السماء وكأن أحدا ما قذف شيء ، قذف ناحيتي،   شعرت انه من عند الله ولاول مره بحياتي شعرت بان الله اقترب منى لاقرب من وريدي لم ادرك كيفية اقترابه ولكنه قذف لي بالحياة وبسرعة هائلة امتدت الروح وانتشرت بانحاء جسمي بلمح البصر فبمجرد ان شعرت بالروح وكانها غاز ينتشر بانحاء جسمي تحركت بسرعة من فوق السرير الى الارض هروبا من الم الغرغرة ،  لقد رايت الملائكة ينظرون لاوراقهم بشكل غريب فلقد تفاجأو مثلي تماما ثم بسرعه رايت الملك الشاب يكتب شيء في الورقه التى كانت معه وختمها ولفها ورتفع بسرعه ناحية الفتحة للسماء اما الآخر كان يطوي صحيفة اعمالي من خير وشر،  لقد ابدى استغرابه وتعجبة فلقد كنت بعيده عن السرير بينما هو يمسك ورقه طويله جدا جدا ممتده الى داخل جسمي ثم قفز ناحية الجدار وكتب في نهاية الورقة اشياء لا ادري ماهي،  ثم افلت الورقة من يده فعادت بسرعة شديدة لتلتف داخل جسمي بشكل مصغر جدا وارتفع الملك ناحية الفتحة وقبل ان يغادر التفت إلي وقال : " اشكري الله... لقد كتب لك عمرا جديداً " ،  وارتفع للفتحة واختفت الفتحة وكانها غير موجودة وأنا كنت في حالة يرثى لها، كنت ارى كل شيء حولي ازرق ودخان كل شيء كان عباره عن دخان فقط الدنيا عباره عن دخان وهي عالم وهمي فلم استطع تصديق ما حصل لي ، خرجت من الصدمة والجميع نظر إلي  من اهلي مستغربين ازرقاقي الشديد وتغير لوني وحالتي التي رأوني بها،  دخلت بينهم بل وسطهم وانا ارتجف ولم أجرؤ على إخبارهم الا بعد وقت.


وأخيراً...أقسم بالله العظيم أن تجربتي هذه حصلت وأنا بكامل قواي العقلية وكتبتها هنا للإستفادة ولمعرفة الحقيقة التي طالما بحث عنها الإنسان ليعرف المجهول ، لم أكتب قصتي من أجل تحليل معتمد على الشك دون اليقين،  لأن اليقين هو ما سوف يواجهه كل إنسان على وجه الارض أثناء احتضاره ورحيله إلى العالم الآخر وهذا اليقين قد رأيته بأم عيني أثناء احتضاري ، ومتأكدة من صحة ما مررت به في تجربة الموت الوشيك .

ترويها جمانه (30 سنة) - السعودية

إقرأ أيضاً ...