24 سبتمبر 2019

بيت العفريت

أقص عليكم حكاية خالي مع العفريت أو (العبري) كما نسميه في منطقتنا في شرق الجزائر كما حكتها لي أمي التي عايشت القصة حيث كانا صغيرين ويعيشان مع جدي وجدتي في الريف وكما هي حال سكان البوادي فمعاشهم من الزراعة وتربية الماشية ، ومرت الأيام ووجد جدي رحمه الله عملاً في مدينة قريبة في إحدى ورش البناء فجمعت العائلة أغراضها ورحلت، كان ذلك في الستينيات ولا أعلم التاريخ بالضبط ، ونزلت العائلة في حي شعبي وكان السكن قديماً ولم يتوفر غيره بسبب وضع جدي المادي ، لكن أتى احد معارفه وحذره من أنه ليس ملائماً للسكن بسبب حصول أمور غريبة فيه وأنه كان قد سكنه مسبقاً وخرج منه مذعوراً إلا أن جدي كان عنيداً وصعب المراس فأصر على السكن فيه .


مرت أيام وكل شيء يبدو طبيعياً ، البيت واسع وفيه فناء رحب يتوسطه بئر ، لكن حدث أمر في الليل قلب كل شيء حيث لاحظ خالي أن الباب قد انفتح من تلقاء نفسه وأمي ايضاً لاحظت ذلك وبحكم صغر سنها (كانت اقل من عشر اعوام والله اعلم) لم تعر الأمر الكثير من الاهتمام ، لكن خالي اصبح يلاحظ هذا الأمر عدة مرات. 

وفي ليلة رأى شخصاً يدخل فذعر خالي والتصق بجدي وهو يقول: "ها هو ! " فينهض جدي ولا يرى شيئاً ، تقول أمي انها كانت تسمع صوت قطرات تنزل قرب رأسها وصوت أنين إنسان وعندما ترفع رأسها لترى من هذا لا تلاحظ اي شيء ، تجاهل الجميع هذا في حين زادت حال خالي سوءاً ،آلقد راه ذات ليلة في الحمام وكان هذا وصفه أرجل أسود بقرون يضع سجائر على قرنيه وفي سرته وفي فمه . 

وفي ليلة أخرى رآه رجلاً مغطى بشبكة من المربعات ، ومرة رآه يقفز في البئر وبعد برهة بدأت البئر تغلي وكأنها قدر على مرجل. ورآه مرة على شكل ثور وسط فناء البيت. كانت حالته أشبه بالجنون ولا أحد من أهل البيت يملك له حلاً ورغم سماعهم لكثير من الضوضاء في الليل وملاحظتهم لكثير من الامور الغريبة الا أن جدي وجدتي وبقية أهل الدار لم يكونوا يرون هذا العفريت ! ، كان خالي وحده من رآه  وبالتأكيد لم ير صورته الحقيقية وإنما كانت اوصافاً مختلفة تجسد فيها.

وأخيراً أحضر جدي أحد القراء ونسميه بلهجتنا الطالب وهو كأكثر القراء كانوا يجيدون حفظ القرآن الكريم لكن فقههم ضعيف وإطلاعهم على باقي علوم القرآن قليل. وبعد الرقية قال الراقي لجدي: " احمل أهلك وغادر هذا البيت وإلا لن يترك العفريت ابنك إلا مجنوناً وبالفعل لم يلبث أن هرب جدي بعائلته من "بيت العفريت".  

تحسنت حال خالي ثم برأ من مرضه بفضل الله ، وقد تسألونني لماذا روت أمك هذه القصة في حين لم يرويها خالك أو لماذا لم أحصل على القصة من خلاله.  نعم ..لم أسأله لأنني استحيت أن اعيد  أفتح صفحة سوداء من حياته ،  عندما روت لنا أمي هذه القصة أصابنا الذعر وكنا نخاف حتى من الذهاب الى الحمام ليلاً بل نخاف أن نخرج رؤوسنا من تحت الغطاء.

منذ الستينيات إلى اليوم كل من سكن بيت العفريت هرب وإلى الأن لازال البيت موجوداً ومغلقاً ، نسأل الله أن يجنبنا شر شياطين الإنس والجن .


يرويها عبد الكريم (31 سنة) - الجزائر

هناك تعليق واحد: