يرويها م.ن - مصر |
مرت الأيام و كنا على مشارف عيد الأضحى و قد نصحني احد الزملاء أن أصوم العشر الأوائل من ذي الحجة بغرض التقرب من الله لتنتهي حالة الخوف تلك وبالفعل بدأت الصيام لكن حالة الخوف لم تنتهي. نومي خفيف في العادة وأصحو من النوم بمجرد سماع المنبه، و عندما استيقظت لتناول سحور اليوم الثامن وجدت الوالدة تعد الطعام في المطبخ وسألتني : "ما بك؟ وجهك شاحب للغاية ! "، لم ارد و إنما أشرت لها بإصبعي أنني أشعر بالدوار و فقدت الوعي، لم اشعر بأي شيء، و آخر شئ تذكرته وقتها أنني أشرت بإصبعي أنني اشعر بدوار، أخبرتني الوالدة لاحقاً أنني هويت بعد أن ارتطم رأسي بالمغسلة وسقطت بقوة على الأرض، لكني لم أشعر بأي ألم، لا توجد كدمات ولا إصابات.
أما عن سحور اليوم التاسع حدث لي وللمرة الأولى والوحيدة ما فسره لي زميلي لاحقا "الجاثوم"، لم أكن اعلم ما هو إنما بعد أن شرحت له ما حصل معي لأخبرني بأنه حالة شلل النوم أو الجاثوم، بعد أن استيقظت من الجاثوم تحدثت لي الوالدة و اخبرتها بأنني خائف للغاية، خائف من التلفت ورائي، لا يوجد سبب منطقي يدفعني للخوف غير أنني اشعر بالخوف ، فنصحتني بقراءة القرآن.
مر اليوم التاسع وهو يوم الوقوف بعرفات وغالباً ما يصومه العديد من المسلمين، قررت تناول الإفطار سريعاً و الخروج من المنزل قبل أن تزدحم الطرقات بالمبتهجين بالعيد غداً وفي أثناء سيري في الطريق الخالية التقيت بامرأة وقور في الثلاثين من العمر تقريباً، مزينة بالعديد من المشغولات الذهبية وترتدي عباءة سوداء تبدو فخمة وطلبت مني بعضاً من المال قائلة : "أنا غريبة و اريد ان اشتري علبة دواء". وبدون تفكير أخرجت المحفظة من جيبي وأعطيتها مبلغاً من المال و كل ما دار في ذهني حينها: "ارحموا عزيز قوم ذل". لكن بمجرد ان أدرت وجهي بدأت الاسئلة تدور في ذهني، من هي تلك المرأة ؟ إذا كانت متسولة لماذا تتجول في تلك الطرقات الخالية ؟ و كيف لمتسولة أن تتزين بكل تلك المشغولات الذهبية ؟ وأقرب صيدلية على بعد 500 متر ! ، استجمعت قواي و بعد مرور أقل من دقيقة التفت لأجد المرأة اختفت هي الأخرى. لم تمر سيارة، لا يوجد زقاق أو شارع جانبي يمكن أن تسلكه فهي لا تبدو من سكان الحي. أخيراً قلت ربما تراءى لي كل ما حدث، أخرجت المحفظة من جيبي وعددت النقود لأجدها ناقصة على قدر ما أعطيت للمرأة. انتهت حالة الخوف غير المبررة ذلك اليوم، ربما لأن عقلي لم يكف عن التفكير في تلك المرأة.
وبانتهاء حالة الخوف بدأت أمر بحالة أسوأ. وهي أفكار معينة تُزرَع في عقلي دون سابق انذار و بدون اي توابع و تلك الأفكار تتحقق بحذافيرها. أول الأفكار كانت تصنف من الأمور الممكن التنبؤ بها بحكم العادة، مثلاً انت تتوقع رد فعل صديقك عند إهانته، لكن الأفكار بدأت في التطور أكثر وأكثر حتى أنه بدأت الفكرة تأخذ منحى آخر و هو حوار كامل بيني و بين المدير في العمل مثلاً ثم يحدث الحوار على أرض الواقع بيننا بنفس العبارات التي تقال حتى أصبحت لا أركز في كلامه وإنما أركز فقط على ما سيأتي به من العبارة الفلانية التي أعرفها مسبقاً.
كنت أحاول دائماً عدم الإكتراث لما يجري معي من غرائب الأمور حتى وقعت حادثتين، الأولى في السيارة و كالعادة كنت أتفقد مياه الردياتير و مستوى زيت المحرك قبل أن انطلق بالسيارة فوقع نظري على علبة صغيرة لا ادري ما هي حتى زُرِعَت فكرة في رأسي أنني عند محل تغيير زيت المحرك، العامل يتجه نحو تلك العلبة، فتحها و قال لي "زيت الفرامل ناقص، معقول ما شفت ضو في تابلوه السيارة؟ لأرد عليه "الفيش منزوع" بدون أن أعلم ان تلك العلبة هي علبة زيت الفرامل و بدون علمي بأن الزيت بها ناقص اصلا أو الفيش منزوع. توجهت مباشرة ورشة تغيير زيت المحرك و طلبت نوع الزيت و كله تمام، وبعد دقائق العامل يتجه للعلبة و يقول لي بالنص : "زيت الفرامل ناقص، معقول ما شفت ضو في تابلوه السيارة؟ لأرد عليه أنا "الفيش منزوع ؟! ،فيجيب : "أي والله الفيش منزوع " .
الحادثة الثانية عندما أعدت ضبط هاتفي الجوال بحسب إعدادات المصنع و في أثناء ذلك طلب مني إختيار كيفية ظهور الإشعارات على الشاشة الرئيسية : ظهور للكل أو إخفاء المعلومات الحساسة او اخفاء للكل، فاخترت ظهور للكل وفي أثناء ذلك انبعثت فكرة أن شقيقتي التي لا تدخل غرفتي أبداً دخلت الغرفة و شاهدت إحدى الإشعارات وذهبت لتخبر والدتي بما رأت ، وحدث ذلك بالفعل والنص.
تكررت تلك الأفكار أكثر من مرة و مع أشخاص ومواقف كثيرة، لا أعلم ما يحصل بالضبط، فهي ليست قدرة خاصة لأنني لا أتحكم بها، لا اقرأ الطالع ولا اتنبأ بإرادتي انما هي حالات فردية لا ادري أهي رسائل أو مس أو مرض نفسي حيث أنه قيل لي من أحد الزملاء انني اعاني من اعراض بارانويا، سواء بارانويا العظمة او بارانويا الإضطهاد، لكن ما دخل البارانويا في تلك أفكار ؟ هل يمكن لمريض البارانويا التنبؤ بالمستقبل ؟
يرويها م.ن (27 سنة) - مصر