15 نوفمبر 2021

البراق

في أحد الأيام اتصلت أمي على الهاتف بينما كنت في المنزل وحدي لتطمئن على أختي وتسألني إن كانت قد خرجت من المنزل لتستكمل محاضراتها في المعهد، فتوجهت إلى غرفتها لأجدها نائمة، ثم عدت ذاهباً إلى غرفة المعيشة لأكمل محادثتي مع أمي، وقبل أن أجلس على الأريكة وأمي معي على خط الهاتف أخبرتها بأنها نائمة ثم فجأة فتحت أختي باب المنزل ودخلت بينما كنت مذهولاً أتساءل مع نفسي : " من هذه التي في الغرفة إذن ! "  ، ركضت مباشرة إلى غرفتها فلم أجد أحداً. 

سألتني  أختي: " ماذا بك؟ " ،فقلت لأمي وهي على الهاتف : "  أتحدث معك لاحقاً .. أختي بالمنزل وعادت من المعهد " ، فقالت أمي: " ألم تخبرني أنها نائمة ؟ " ، فقلت لها : " نعم، سأتحدث معك عندما تعودين إلى المنزل " ، فسردت لهما لاحقاً ما حدث. 

موقف ثان

- وحصل موقف آخر أود ذكره ، بينما كنا مستلقين على الأسرة وأخوتي نتسامر في الليل ،  وأختي وحدها تسهر أمام التلفاز فصرخت على أحد أخوتي:  " اذهب لفراشك ونم " ،  والحقيقة أن أخي بيننا يتسامر معنا فضحكنا وظننا بأنها غطت في نوم عميق وبدأت تراودها الأحلام والكوابيس ويبدو أن أخي كان كابوسا لها،  في اليوم التالي أعلمتني أنها سمعت ضحكاتنا. وأخبرتني بأنها كانت مستيقظة طوال الليل حينما ظهر أخي لها لكن بشعر أكثر كثافة واضعاً قدمه على الأريكة مبتسماً.  ولم تعلم إلا في الصباح بأن أخي كان قد حلق شعره في تلك الليلة فلم يكن كثيف الشعر،  فلذلك أخبرتنا قصتها. 


موقف ثالث

- دخلت إلى المنزل ومعي كرتونة خضار أنقلها من سيارة والدي (رحمه الله ) وأخوتي يتعاونون على نقلها، أخي الصغير فاتح فاه عندما رآني. فسألته : " ماذا بك ؟ هلم  تحرك لننتهي من نقل ما تبقى من خضار ! "،  فأجاب :  " ألم تنقل غير ما بين يديك ؟ " ، فقلت له : "  لا.. لم تسأل ؟! ". 

- قبل قليل ألم تكن الآن واقفا أمام باب المطبخ تبتسم؟! وسألتك لم لا تعاوننا في نقل الخضار !

أفقلت له : "  هي نقلتي الأولى.. ولم يسبق لي أن ألتققيت بك خلال نقلي الخضار إلا الآن وكرتونة الخضار هذه بيدي.." .

فرد : " لا لا..  لم تكن تحمل شيئا... وكنت ترتدي غير ردائك هذا ! " .

توجه إلى الغرفة  ليبحث قائلا: "  دخلتَ هنا.." .


البراق 

أما قصتي الأبرز لم تكن مع الشبيه... وإنما رؤيتي للبراق ، لم أشاركها مع أحد إلا المقربين جداً المؤتمنين على سر أسراري .. والسبب في ذلك حتى لا أتعرض للتنمر في طفولتي وأنا أبلغ من العمر 13 عاماً، وخوفا من  تكذيبي أو على الأقل الادعاء باختلاق القصة وأنا صادق وأمين متفوق في دراستي.. لن أكون أضحوكة لطلاب صفي أو أبناء حارتي...هكذا كنت أعتقد.

 أما الآن وعمري  ٣٧ عاما.  أنقلها لكم تماما كما هي:

بدأت الأحداث عندما تعلقت بشدة بقصة البراق، وفي صلاتي أسأل ربي أن أشاهده... لكن لم أكن أعلم أن دعواتي ستتحقق بكل معنى الكلمة ذات يوم. 

بعد مرور شهور قلّ تعلقي بأن أشاهد البراق... وبعد سنين لم أعد أكترث بهذا الاهتمام. فما هي إلا أمنيات ولن يحدث أن شاهد أحدا ذلك البراق إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.  وسيدنا إبراهيم عليه السلام . كما علمت ذلك لاحقا في الأثر.

 أكتب قصتي هنا دون أن أكترث للتعليقات التشكيكية أو السلبية... باحثاً عمن مر بهذه التجربة غيري. 

فبعد أن انتهى العام الدراسي الذي سأنتقل فيه من الصف السادس إلى السابع وفي إجازة ذلك الصيف الذي تلاه. وفي أحد أيامه لم أرغب في المبيت على السرير، تموضعت على الفراش الأرضي مع أخوتي لأغط في النوم بعد يوم حافل من اللعب. استيقظت دون أي سبب.. وأنوار شاحنة النفايات تضيء سقف الغرفة. فالستارة لم تكن مغلقة. شدني الفضول إلى أن أتفرج على عمال النظافة وهم يفرغون حاوية النفايات منها. وأنا أسكن في الطابق الثالث ،  كانت الساعة على ما أذكر تشير إلى 3:30 فجراً ..وضعت يدي على الباب الزجاجي لشرفة الغرفة ، كان الزجاج بارداً بسبب التكييف  فتكاثف برودة الغرفة وأنفاس أخوتي النائمين فشكلا طبقة مياه رقيقة  مع الرطوبة الخارجية. مسحتها لأكمل المشاهدة... لفتني شيء ما في السماء .. طائرة بعيدة تحلق بسلام بشكل أفقي من اليسار  إلى اليمين... مر بين البعدين حمامة بيضاء على مد ناظري... حمامة بيضاء!   لم ترفرف بهذا الوقت المتأخر ؟ 

هنا استوقفت ذاتي قليلا لأبدأ في نقض ما تراه عيناي لتكذباها: " بل هو حصان أبيض بجناحي ، يبدو أن عيني أرهقها طيلة النظر... فركت عيني مجددا وعدت أقول  لعلها حمامة... هي حمامة لا أكثر..

أربعة أرجل ! ... ورب الكعبة براق... براق! حالة روحانية التبستني ... حالة لا توصف... أدمعت عيناي واقشعر بدني..

 وخزت خدي الأيمن كما كان يفعلون في رسوم الكارتون... أنا مستيقظ ... أنا مستيقظ وأتحسسه..


قسماً بالله إنه البراق إنه البراق.


 رأيته محلقاً متوجهاً من أقصى اليسار إلى اليمين وجناحاه يرفرفان وأقدامه تجري كما تجري الخيول تماما ..  حجمه والمسافة بيننا كعقلة الأصبع... واضح جدا... تأملته وأنا كلي في اندهاش... لم يخطر أبداً أن أوقظ أخوتي النيام،  كنت مشدوداً جداً ومنبهراً ، فلم تراه إلا عين الأنبياء. 

وهكذا حتى اختفى في الأفق. 


أخبرت أمي وقتها... قالت لي هو حلم جميل راودك. ، نعم فعلاً كان حلماً جميلاً .... وتحقق.

يرويها إبراهيم - فلسطين

إقرأ أيضاً ...

- تجسد الصورة الذاتية : عندما ترى شبح نفسك أمامك 

- الجسد / الشبح الكربوني 

- ظاهرة الشبيه Doppelganger 

- تجارب واقعية : أبي وآخر 

- تجارب واقعية : في السرير مع شبيه 

- أسطورة الحصان المجنح


ملاحظة

- نشرت تلك القصص وصنفت على أنها واقعية على ذمة من يرويها دون تحمل أية مسؤولية عن صحة أو دقة وقائعها

 للإطلاع على أسباب نشر تلك التجارب وحول أسلوب المناقشة البناءة إقرأ هنا

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .