7 يناير 2022

رعب فوق الشجرة

كان عمري آنذاك 26 سنة عندما حصلت معي تلك التجربة الغريبة ، كنت عضواً في فرقة موسيقية ولأننا كنا في بداية المشوار لم يتوفر لنا مقر للتدريب فكان ملاذنا تلك الغابة على مشارف المدينة وبحكم أن لكل منا مشاغله فلم يكن لنا إلا الليل للتدريب.

وفي ليلة مشؤومة من تلك الليالي كنا منشغلين في التدريب ومنسجمين في العزف والغناء حتى خرج علينا رجلان كان واضحاً من ملامحهما انهما يريدون بنا السوء فتوجسنا منهم خيفة ،ثم وبدون مقدمات أخرجواً من ثناياهم سيوفاً جعلتنا نهرول ونسابق الريح تاركين ورائنا كل الآلات الموسيقية ، وبما أنني ركضت كالمجنون على غير هدى وجدت نفسي في الطريق لوحدي ، ولأن هذا هو حظي العاثر فقد كنت أنا ضحية المطاردة ،  زاد توغلي في تلك الغابة اللعينة وأنا اجري بعيداً وهم من ورائي اسمع لهاثهم حتى خُيل إلي من شدة سعيهم وطول مطاردتهم لي أن المسألة فيها ثأر وتصفية حسابات ،  فما أن شعرت بأنني ابتعدت عنهما حتى تسلقت شجرة لأصل لقمتها ، ويا ليتني لم افعل فما أن استقريت عليها حتى خانتني رباطة جأشي والذعر دب في جسمي ، فوجدت  نفسي في مأزق،  فما أنا مطمئن فوقها وليس لدي الشجاعة لأنزل عنها،  فبقيت كالمعلق ارتعد خوفاً . 

ومر وقت لا أدري كم هو ،  حتى جاء اسوأ ما في الامر،  فقد بدأت اسمع أصواتاً بل صوت شخصين ولكن هذه المرة كانت أصوات نسائية ، وكان الصوت يقترب مني شيئاً فشيئاً ، فأرهفت السمع وقد آنستني الدهشة قليلاُ فأنستني خوفي ، فكان قولهما على لحن مازال يرن في أذني وكان بالامازيغية : "  وانا ايتلين غواضان * اتوتنت الزلات " ،  وهو يعني بالعربية :  " من تسكع في الليالي *  فلتضربه المصائب " ،  كان قولاً مخيفاً و عجيباً زلزلني خصوصاً في موقفي هذا ، فقد كان تهديداً صريحاً ، ثم كانت الطامة الكبرى في مصدر الصوت ، فما أن تبينته حتى هويت من الشجرة ، فقد كانتا كرتان من نور تقول الاولى الشطر الاول من الجملة فترد عليها الأخرى ، كان ذلك كفيلاً بهز كياني ، ونظراً لعلو الشجرة فقد كسرت ذراعي واطلقت صرخة عالية ، ولو كان الاثنان اللذان كانا يطاردانني عمياناً لعثرا علي بسهولة ،   وبعدها جاء الفرج ، مجموعة شبان سمعوا صرختي فهبوا لنجدتي  فوجدوني هناك مصدوماً ، والمضحك المبكي أني كنت غير بعيد عن مكان مأهول بالسكان ولكن تلك الشجرة اللعينة سلبتني آخر ما تبقى من شجاعتي و جعلتني أسيراً فوقها وكأنها كانت تريدني أن ارى ما رأيت،  صراحة لم اروي لأحد ما رأيت ، فقط تكلمت عن الرجلين في الغابة فقد آثرت بأن يصفوني بالجبن على أن يتهموني بالجنون .


بعد الحادث عانيت لعدة اشهر من كوابيس تتعلق بنفس التجربة ، وما زلت آمل في إيجاد تفسير لما رأيت وفيما إذا كانت هناك مشاهدات مشابهة لأشخاص أخرين.


يرويها حسن (34 سنة) - المغرب


إقرأ أيضاً ...

- غابات مسكونة 

- العلم والماورائيات : هل يمكن أن تثق بعقلك ؟

- تجارب واقعية : ضوء غامض على أحد أشجار المقابر

- تجارب واقعية : أحاديث الظلام 

- تجارب واقعية : بين الأحراش 

- تجارب واقعية : صخب الطابق العلوي 


ملاحظة
- نشرت تلك القصص وصنفت على أنها واقعية على ذمة من يرويها دون تحمل أية مسؤولية عن صحة أو دقة وقائعها
 للإطلاع على أسباب نشر تلك التجارب وحول أسلوب المناقشة البناءة إقرأ هنا

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .