بدأت حكايتي حين كنت في عمر الثامنة عشرة، فتاة على قدر من التدين، أحفظ القرآن منذ صغري، رغم أنني أنتمي إلى أسرة غير محافظة ومفككة. كنت أجد راحتي في سماع القرآن كل ليلة قبل النوم، واستعد دائماً لصلاة الفجر.
لكن في أحد الأسابيع، بدأت أشعر بشيء غريب… وكأن أحدهم يراقبني. كنت أمشي في البيت وأشعر بأنفاس دافئة تلامس عنقي من الخلف. وعندما أدخل غرفتي، يراودني شعور قوي بأني لست وحدي… كأن هناك أشخاصاً غير مرئيين يتحركون حولي. حاولت أن أشكو لوالدتي، لكنها كانت منشغلة بزوجها وحياتها الخاصة. لم يكن أحد يسمعني أو يهتم، فشعرت بوحدة قاتلة، رغم أنني كنت أُحس بوجود "كائنات" معي في كل لحظة.
مرّت عدة ليالٍ دون نوم. وفي تلك الليلة المشؤومة، غلبني الخوف، فشغّلت القرآن داخل غرفتي وتمدّدت على سريري. غفوت للحظات، ثم شعرت فجأة بشيء يقترب ويطفئ التسجيل، أحسست بشيء يلتف حول خصري ثم... طِرت !
نعم، لم أعد على السرير. كنت معلقة في الهواء، وكأن شاباً – ضبابي الملامح، طيف لا أستطيع تمييز وجهه – يحملني كدمية. لم أستطع الصراخ، ولا الحركة، ولا حتى البكاء… فقط سكون تام.
طار بي ذلك الكائن عبر نفق أرضي، بسرعة مذهلة، حتى أنني لم أعد أرى شيئاً، فقط أسمع صوت الريح يصفع أذني بقوة. وفجأة، سقط بي في مكان يشبه المقبرة… لكن ليست كباقي المقابر. كان المكان أشبه بعالم بدائي، مزيج من المقابر والقرى البدائية، مليء برجال ونساء وأطفال غريبي الهيئة، ينهشون العظام بأيديهم وأسنانهم.
رماني بجوار امرأة مسنّة، بدت لي وكأنها "سيدة القبيلة". كانت تجلس على حجر، وإلى جوارها يقف ذلك الشاب الذي طار بي. نظرت إليّ المرأة للحظات… ثم أدارت وجهها عني، دون أن تنطق بكلمة. رفضتني… كأنني غريبة عن هذا العالم.
فجأة، حملني الشاب مرة أخرى، وعاد بي عبر النفق، حتى أسقطني مجددًا على سريري. كنت مرهقة للغاية، جسدي غارق في العرق، وقلبي ينبض بقوة كأنني عُدت من سفرٍ طويل. ظللت جالسة مشوشة، لا أصدق ما مررت به. وعندما رويت ما حدث لعائلتي، لم يصدقني أحد، بل ظنّوا أنني أتخيل أو أهذي من قلة النوم.
أقسم بالله العظيم أن ما رويته حدث معي بالفعل، دون مبالغة أو خيال.
وذلك الكائن… لم يظهر لي مرة أخرى إلا بعد مرور ثلاثة أشهر.
ترويها ماريا (40 سنة) - السعودية
تحليل التجربة
تجربة ماريا تقع في المنطقة الرمادية بين العالم النفسي والروحي الغيبي، وهي من النوع الذي يصعب الحسم بشأنه. إليك أبرز الفرضيات التفسيرية الممكنة:
1- فرضية الإسقاط النجمي - الخروج من الجسد OBE
تصف ماريا إحساسها بالخروج من جسدها والطيران في نفق سريع إلى عالم آخر، وهي سمة معروفة في حالات ما يسمى "الإسقاط النجمي" أو "الخروج من الجسد"، حيث يشعر الشخص أنه ينفصل عن جسده الفيزيائي ويخوض تجربة في عالم موازٍ.
غالباً ما تحدث هذه الحالات أثناء النوم، خاصة في حالات الإجهاد النفسي أو الروحي، أو نتيجة اضطرابات النوم (مثل الجاثوم أو النوم المتقطع).
2- فرضية الحلم الواعي العنيف Lucid Nightmare
ما وصفته ماريا من رؤية واضحة، وانتقال من مكان لآخر، ولقاء بكائنات غريبة، يشبه كثيراً ما يُعرف بالحلم الواعي السلبي أو الكابوسي، حيث يكون الشخص مدركاً لما يعيشه لكنه غير قادر على الاستيقاظ أو التحكم بالأحداث.
تزداد هذه الحالات مع مشاعر الوحدة، الضغط العاطفي، والعزلة عن الدعم الأسري.
3 - فرضية المسّ الروحي أو اقتراب الجني العاشق
في الموروث الديني والشعبي، وخصوصاً في المجتمعات الإسلامية، يُفسّر مثل هذا النوع من التجارب أحياناً على أنه اقتراب من "جن طيّار" أو "جني عاشق"، خاصة عندما يشعر الشخص بأن الكائن غير المرئي يحمل طابعاً أنثوياً أو ذكورياً واضحاً ويُحدث تواصلاً مباشراً جسدياً أو روحياً.
ويُعتقد أن تلاوة القرآن، والالتزام الديني، قد يُغضب بعض هذه الكيانات ويستفزها، خاصة إن كانت "سُفلية" أو مؤذية.
4- فرضية فقدان الاحتواء العاطفي
ماريا كانت تعاني من وحدة عاطفية شديدة، وكانت تشعر بأنها منبوذة في بيتها، بلا من يسمعها أو يساندها. أحياناً، تنبع بعض التجارب الروحية الغريبة من حاجة الإنسان اللاواعية إلى الاهتمام، الاحتواء، أو الهروب من الواقع القاسي.
- الجسد والعقل قد يخلقان "تجربة بديلة" تعطي شعورًا بالاختيار، أو القيمة، حتى لو كان ذلك في قالب مرعب.
5- فرضية الشلل النومي Sleep Paralysis
قد تكون ماريا تعرّضت لنوبة من شلل النوم (الجاثوم) ترافقت مع هلاوس بصرية وسمعية ولمسية، وهي حالة موثّقة طبياً، يشعر فيها الشخص بأنه لا يستطيع الحركة، بينما يرى أو يسمع كائنات مرعبة أو يختبر تجارب طيران وسقوط.
هذه الحالة تزداد عند النوم المتقطع، الإرهاق، القلق، أو كثرة التعرض للمنبهات السمعية كالمقاطع الصوتية قبل النوم.
وفي الختام قد لا نستطيع الجزم بالحقيقة المطلقة لما عاشته ماريا، لكن تجربتها تُعبّر بوضوح عن أزمة وجودية عميقة اختلط فيها الخوف، بالوحدة، بالإيمان. بين من يقول إنها مسّ، أو أنها تجربة روحية، أو حتى حالة نفسية… تبقى الحكاية حيّة لأنها صادقة في سردها، وواقعية في أثرها على صاحبتها.
ملاحظة
نشرت تلك القصص وصنفت على أنها واقعية على ذمة من ها دون تحمل أية مسؤولية عن صحة أو دقة وقائعها ، للإطلاع على أسباب نشر تلك التجارب وحول أسلوب المناقشة البناءة إقرأ هنا
إقرأ أيضاً ...
- تجارب واقعية : إسقاط نجمي خلف القضبان
- الخروج من الجسد والإسقاط النجمي
- الخروج من الجسد : تجربة روحية أم ماذا ؟
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .