3 يوليو 2025

علي الحجار والجنية العاشقة : ليلة لم تكن في السيناريو

إعداد : كمال غزال

في إحدى قرى مصر الهادئة، حيث تتداخل همسات الليل مع صمت الحقول، وقعت الحكاية... ليست مشهداً من فيلم، ولا فقرة من سيناريو، بل تجربة شخصية يرويها الفنان علي الحجار بنفسه، عن لقاء غريب قلب موازين الواقع، وفتح له باباً على عالم خفي.

في نهاية السبعينيات، وبينما كان الحجار يصوّر فيلمه الشهير "المغنواتي"  ، انتقل طاقم العمل للإقامة المؤقتة في قرية صغيرة تُدعى بشلة، قرب مدينة ميت غمر. كان كل شيء يبدو مثالياً: الأجواء ودّية، الضحكات تعلو بعد التصوير، والعمل يجري بسلاسة في ذلك البيت الريفي الذي جمعهم كعائلة واحدة.

الليلة التي تغيّر فيها كل شيء

في إحدى الليالي، وبعد يوم طويل من التصوير، انسحب علي من السهرة المعتادة بين الزملاء. كانت الساعة تقترب من الثالثة فجراً، والإرهاق قد نال منه تماماً. قرر أن يتوجه مباشرة إلى غرفته. أطفأ الأنوار، أغلق الباب، وألقى بجسده على السرير في انتظار نوم سريع.

لكن... لم يكن وحده ، شيءٌ ما تغير في أجواء الغرفة، الهواء بدا أثقل، وكأن أنفاساً غير مرئية تملأ الفراغ. ثم جاء الصوت... همسٌ خافت، أنثوي، يحمل رقة غريبة لكنه لم يكن مألوفاً: " أخيراً... لقد أتيت."

فتح علي عينيه ببطء، وتجمدت النظرات ، من زاوية الغرفة، بدأ ضوء خافت يتسلل شيئاً فشيئاً، ثم أخذ هذا الضوء يتجسد... إلى طيف امرأة، بجمال مبالغ فيه، شعرها طويل يتدلى كسُحب الليل، وعيونها تشع كأنها قطع من الفضة تحت ضوء القمر.

ابتسمت له، وقالت بصوت فيه دفء وغموض: " كنت بانتظارك منذ زمن بعيد. "

بداية علاقة خارجة عن المألوف

كانت تلك اللحظة، كما يقول علي، هي بداية اتصال غريب استمر سنوات طويلة. لم يكن مجرد حلم عابر، بل سلسلة من الظهورات والتجليات والمشاعر المعقدة التي أربكته، والتي استمرت حتى بعد مغادرته القرية. أصبحت هذه "الجنية العاشقة" جزءاً من حياته، تظهر له في أوقات متباعدة، وتُشعره بحضورها دون تفسير.


هل كانت تجربة نفسية ؟

الإرهاق الشديد، العزلة المؤقتة، وبيئة القرية الصامتة عوامل يمكن أن تُسبب هلوسات حسية أو عقلية ، فنانون حسّاسون مثل الحجار قد تكون لديهم قابلية أعلى لاستقبال ما لا يراه الآخرون، سواء كان وعياً باطنياً أو تصوّراً فنياً داخلياً.

أم تجربة ماورائية ؟

في الفولكلور العربي، ترددت عبر الأجيال حكايات عن "الجن العاشق" الذي يتلبس الإنسان أو يتواصل معه في الحلم أو الواقع ، تعد قرى مثل "بشلة" بيئة خصبة لتجليات هذه القصص، لارتباطها بالهدوء والطبيعة ومعتقدات قديمة عن مساكن الجان.

نهاية مفتوحة... أم بداية فصل جديد ؟

لم تكن تجربة علي الحجار مجرد نوبة نفسية عابرة، بل تجربة ذات تأثير ممتد  ربما روحاني، ربما نفسي، وربما ماورائي لا تفسير له حتى اليوم ، وهو نفسه لم يرفضها، ولم يؤكدها كلياً، بل تركها تحوم في فضاء التأمل، كشبح جميل يزور الذاكرة من حين إلى آخر.

إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .