أنا شاب لبناني من محافظة البقاع، أبلغ من العمر الآن 26 عاماً. قبل حوالي 15 سنة، حين كنت في الحادية عشرة من عمري، عايشت حادثة غريبة لا تزال محفورة في ذاكرتي بكل تفاصيلها، ولم أتمكن من تفسيرها حتى اليوم.
كنا نعيش حينها في إحدى قرى قضاء زحلة. وذات مرة، تعرضت والدتي لوعكة صحية استدعت خضوعها لعملية جراحية، فانتقلت معها إلى بيت جدي (والد أمي) في بلدة تُدعى "كرك نوح"، وهي بلدة معروفة بوجود مسجد قديم يحتوي على مقام يُنسب إلى النبي نوح عليه السلام أو إلى أحد أبنائه.
المقام عبارة عن غرفة تضم قبراً طويلاً ملتصقة بمبنى المسجد، ويزور الناس هذا المكان لقراءة الفاتحة والسلام على النبي، ثم يغادرون، وغالباً ما يكون خالياً من الزوار .
تضم الغرفة أيضاً خزانة قديمة تحتوي على أكفان وأدوات تجهيز الموتى الخاصة بأهل البلدة، بالإضافة إلى محمل يُستخدم لنقل الموتى من البيت أو المسجد إلى المدفن ، كنت في طفولتي كثير التردد على المقام، أدخله بمفردي، أتمعّن بما فيه من أشياء، ألعب قليلاً في ساحة المسجد، ثم أعود إلى بيت جدي.
تضم الغرفة أيضاً خزانة قديمة تحتوي على أكفان وأدوات تجهيز الموتى الخاصة بأهل البلدة، بالإضافة إلى محمل يُستخدم لنقل الموتى من البيت أو المسجد إلى المدفن ، كنت في طفولتي كثير التردد على المقام، أدخله بمفردي، أتمعّن بما فيه من أشياء، ألعب قليلاً في ساحة المسجد، ثم أعود إلى بيت جدي.
في أحد الأيام، دخلت كعادتي إلى المقام ولم يكن هناك أحد. مكثت قليلاً، ثم عدت إلى منزل جدي لأشرب الماء، ففوجئت بوجود بعض جيراننا المسيحيين من بلدتنا الأصلية، جاءوا لعيادة والدتي بعد عمليتها. وكان معهم ثلاث فتيات صغيرات، وبدافع الفضول اقترحت عليهن الذهاب لرؤية القبر القديم في المقام، فوافقن.
ذهبنا معاً، وكانت باحة المسجد خالية تماماً. فتحت باب غرفة المقام، وكانت كما تركتها قبل دقائق: لا أحد بداخلها. لكن المفاجأة كانت صادمة… فقد كان محمل الموتى الذي عادة ما يكون مخبّأ في زاوية الغرفة، يحمل جثة مغطاة بالكفن ! تجمّدنا من الرعب، ثم صرخنا وهربنا جميعاً إلى منزل جدي.
بعد حوالي عشر دقائق، عدت وحدي إلى المقام لأتحقق مما رأيناه ، دخلت الغرفة فوجدت كل شيء كما كان من قبل: المحمل فارغ، الأكفان مرتبة داخل الخزانة، ولا أثر لأي جثة أو شخص آخر، لم يكن في المنطقة أطفال أو أحد يمكنه القيام بمزحة من هذا النوع. الغرفة كانت خالية تماماً قبل دخولنا، وبعد مغادرتنا.
إلى اليوم، لا أجد تفسيراً لما حدث، ولا أنسى لحظة الرعب تلك التي عشناها معاً.
يرويها أحمد (27 سنة) - لبنان
التحليل الماورائي للتجربة
مقامات الأولياء والأماكن المقدسة
تُعتبر المقامات، في بعض المعتقدات، بوابات روحية بين العوالم. ويُقال إن الأماكن التي يُدفن فيها "أولياء أو أنبياء" تمتلك طاقة روحية مختلفة، قد تُظهر مشاهد غير مألوفة أو تُستشعر فيها ظواهر غير مادية.
ظهور الجثة كـ"إسقاط شبحي"
في كثير من الموروثات الروحية، يُعتقد أن بعض المشاهد تُعرض كصور طيفية لأحداث وقعت سابقاً، أو كـ"علامة" روحية. ربما كان المحمل حاملاً لجثة في الماضي القريب، وبقي أثر "ذاكرة المكان" يتكرر، ويظهر فقط لعيون معينة – مثل الأطفال.
التحليل النفسي للتجربة
السن الحرجة لتجارب الذاكرة والخيال
عمر 11 سنة هو عمر يُعرف بمرحلة التفكير الانتقالي بين الطفولة والوعي المنطقي، حيث يكون الخيال نشطاً للغاية، والمخاوف والمعتقدات الدينية أو المجتمعية تملك تأثيراً كبيراً على الإدراك ، في هذه المرحلة تشحن البيئة (المقامات ،الأكفان وأدوات الموتى) الطفل بمشاعر الرهبة والخوف ، ويمكن للصور الذهنية السابقة التي تكونت من سماع قصص الموتى أو مشاهدة الجنازات أن يعاد تفعيلها تلقائياً في موقف مشابه، فيُفسَّر المشهد بطريقة درامية.
الهلع الجماعي الطفولي
عند دعوة الفتيات إلى المقام، قد يكون التوتر الداخلي (خجل من الفتيات – خوف من المقام – الإحساس بالمسؤولية) قد ولّد هلوسة بصرية جماعية قصيرة الأمد، فالأطفال أحياناً يتفاعلون مع تلميح واحد من أحدهم (مثلاً: "يا إلهي ! ما هذا؟ ") ليُسقط الجميع نفس الرؤية أو الفكرة دون تحقق فعلي.
الذاكرة الانتقائية والمُعززة بالخوف
الدماغ يعيد صياغة الذكريات المرعبة بطريقة درامية كلما استُرجعت، خاصة إذا بقيت بلا تفسير. وقد تكون الذاكرة محسنة عاطفياً بحيث يصبح المشهد أكثر وضوحاً مما كان عليه فعلياً.
هل يمكن للأطفال رؤية ما لا يراه الكبار ؟
نعم، يُعتقد في عدة ثقافات ودراسات ماورائية أن الأطفال أكثر حساسية للمجال الروحي بسبب نقاء حواسهم وعدم تقييد إدراكهم بالمنطق الصارم ، ولا يملكون الفلاتر العقلية التي تمنع العقل من قبول ما يخالف الواقع المحسوس.
فهم أكثر انفتاحاً على التخاطر والرؤى غير العادية، لا سيما في سن ما بين 3 و12 عاماً وهي الفترة التي يُقال إنهم أقرب فيها "للبوابة الروحية" التي تُغلق تدريجياً مع النضج ، إقرأ المزيد من الإجابات في لماذا يرى الكثير من الأطفال "أشباحاً" ؟ .
هناك أيضاً دراسات نفسية تناولت حالات مثل "رؤية أصدقاء خياليين" لدى الأطفال، والتي في بعض الحالات جرى توثيقها على أنها رؤى جماعية أو متكررة في أماكن مسكونة.
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .